- تأمينات السعدي -

- تأمينات السعدي -

- الإعلانات -

هل نكتفي بدور المتفرج أمام ما يقع من هدر للزمن المدرسي لأبناءنا وبناتنا؟!

محمد اليوربوعي

مهما حاول المرء أخذ مسافة حياد موضوعي مما يقع اليوم في المدرسة العمومية المغربية من تشنج وصراع بين فئات واسعة من رجال ونساء التعليم والقطاع الحكومي المشغل، فإنه يجد نفسه – مع استمرار هدر الزمن المدرسي لجيل كامل من ابناء المغاربة- مرغما على أخذ موقف والتعبير بصوت عالي على مرارة الوضع البئيس الذي حشر فيه أبناءنا في التعليم العمومي جراء حرمانهم من حقهم الكوني والدستوري في التمتع بكامل وقتهم التعليمي.
كأب وكمسؤول منتخب يشعر بمرارة الأمهات والأباء الذين تعتصر قلوبهم ألما وحسرة على مستقبل ابناءهم التعليمي الذي تتساقط أجزاءه قطعة قطعة كلما اتسع المدى الزمني للإضرابات المتتالية، أقول بكل وضوح أنه مهما كانت أسباب الإحتقان الحالي فإنها لاتبرر بأي وجه من الوجوه حرمان أبناءنا وبناتنا من وقتهم الكامل في التعلم.
إن ما يقع اليوم يكرس الصورة النمطية للمدرسة العمومية العصية على الإصلاح والتحديث.
إن المدرسة العمومية رغم نواقصها الكثيرة كانت قنطرة العبور من مغرب الأمية إلى مغرب المعرفة منذ استقلال الوطن إلى يومنا هذا، وكانت ولا زالت سلم الإرتقاء الإجتماعي لملايين الأجيال المغربية الذين ولدوا لأسر فقيرة وبفضل التعليم العمومي المجاني تحسنت اوضاعهم المادية ومكانتهم الإجتماعية وأصبحوا اليوم هم المكون الأساسي للطبقة الوسطى، ولا يجوز أن نجعل هذه المدرسة العمومية رهينة مطالب فئوية مهما كانت عدالتها.
وبطبيعة الحال ومن صميم قناعتي الشخصية لايمكن تعليق أزمة المنظومة التعليمية العمومية على المشتغلين في القطاع لوحدهم، لأن المشكل عميق يرتبط بفشل الإستراتيجيات والبرامج الحكومية المتعاقبة وضعف تملك المجتمعات المحلية بربوع الوطن للمدرسة العمومية، وكأن المدرسة مجرد وحدة إدارية مرتبطة بالسلطة المركزية لا شأن للأهالي بها، تنقطع صلتهم بها بمجرد ان يغادر ابناءهم أسوارها.
كل المواطنين والمواطنات المغاربة يتابعون اليوم الأوراش الكبرى التي تشتغل عليها الدولة المغربية وهي اوراش كبيرة ترتبط بتحسين ظروف عيش الفئات المحدودة والمنعدمة الدخل من تغطية صحية مجانية ودعم مباشر يشمل تدريجيا فئات واسعة من فقراء الوطن ودعم في السكن، إضافة إلى تدبير الأزمات الحادة المتتالية المرتبطة بتوالي سنوات الجفاف والتضخم العالمي وتدبير التهديدات الأمنية المتربصة بالوطن دون إغفال الأوراش الكبرى لتأهيل وتقوية الإقتصاد الوطني، وكلها أوراش استراتيجية تتطلب استثمارات هائلة من موارد الدولة وتعبئة قوية لجميع مكوناتها. وفي خضم هذه التحديات الكبرى لا يجب إقحام الدولة في مواقف تهدد السلم الإجتماعي وقد تكون لها ارتدادات عكسية.
ورغم الإكراهات الكثيرة فإن الدولة مطالبة ببذل مزيد من الجهود لتحسين ظروف اشتغال العاملين بقطاع التعليم وتحفيزهم ماديا ومعنويا للمشاركة الفاعلة في الورش الوطني لإصلاح التعليم.
وبالرجوع لصلب الموضوع المتعلق بالإستخفاف بحقوق الملايين من أبناء المغاربة، اقول بأن تعويض ما ضاع من الزمن المدرسي الذي يقارب إلى حدود اليوم حوالي 80 ساعة من الدراسة يبقى دينا معلقا برقاب العاملين بقطاع التعليم والمشرفين عليه يجب استدراكه وتعويضه بكل الأشكال الممكنة ولو بإلغاء العطل المدرسية، وإلا فإن هذا الضياع التعلمي سيرافق المتمدرسين فيما يستقبل من مسارهم الدراسي لينضاف إلى مخلفات جائحة كورونا وينتج جحافل من أشباه المتعلمين.
ولا قدر الله وفي حال استمرار تعطيل حق أبناءنا وبناتنا في التمدرس، فعلى مجتمع الآباء والأمهات وعلى ممثلي الساكنة وعلى القطاع الحكومي الوصي على الشأن التعليمي ان يفكروا في حلول بديلة لإنقاذ المسار الدراسي لأبناءنا، وهناك حلول بديلة كثيرة.
فأبناءنا رأسمالنا ولن نكتفي بموقف المتفرج في أزمة تهدد مستقبلهم التعليمي.

أضف تعليق